يُحكى أن رجلاً يملك قطيعاً من الإبل التي عكف على تربيتها لأجل التجارة و الاستمتاع بالنظر إليها، و هذا عشق قديم متجدد بين البدويّ و إبله.
من بين هذا القطيع كان صاحبه يحب ناقة تتصف بالجمال و الوفاء و الحنان و مع مرور الأيام تكون بينهما علاقة تآلف و مودة مثلما يحدث بين البشر تماماً، كأن تُقبل الناقة من بعيد عندما تراه و تومئ برقبتها الجميلة لتقترب منه و هو يلمسها بكفه و يلاعبها بأطراف أصابعه لتدخلها سعادة غامرة تزيدها ارتباطاً و ولعا بصاحبها و هو بالمثل.
ذات يوم رُزق مالك قطيع الإبل بطفل صغير و قد توفيت زوجته أثناء ولادة الصبي، و عندها قرر الأب أن يرضع طفله من الناقة التي يحبها مباشرة كما كانت هي تُرضع ولدها (حوارها)، و لكن عندما يحضر الطفل الرضيع كان الرجل يُبعد ولد الناقة تماماً عن أمه الناقة و هي تُشاهد هذا الفعل.
لقد أرضعه منها ثلاثة أيام متتالية و هي تنظر و في ثالث يوم و بينما كان الطفل يرضع بين ارجل الناقة قامت بضمّ أرجلها لتُزهق روح الرضيع و تطحن رأسه طحناً، لقد فقد الرجل زوجته من أيام و ها هو يفقد رضيعه.
قام الرجل بتوثيق الناقة جيداً و أحضر ولدها (الحوار) و قام بذبحه أمام عينيها و هي تصرخ و انهارت و لم تستطع الدفاع عنه لأنها رُبطت بإحكام، و بعد أن هدأت فك قيدها لتقوم بالاقتراب من ولدها و تشتم رائحته و تأكدت من موته.
حاولت الناقة مراراً و تكراراً أن تنال من صاحبها و لكنه كان يأخذ حذره منها بشكل جيد، و لم تُطق نفسها الصبر عندما تتذكر ولدها و هو قد ذُبح أمام عينيها، ثم فاضت روحها و لحقت به فماتت قهراً و كمداً، ثم قام الرجل بعد موتها بشق بطنها ليرى كبدها و قد تفطرت من شدة الحزن.